المتابعون

السبت، 16 مايو 2015

رواية رفات السراب .... الفصل الثاني ..(أ)









الطيبة الزائد ضعف وامتهان . وقد لا تجعلك ترى الاشياء بوضوح  خاصة اذا كانت تنطبق على اقاربك هذا المقولة " الاقارب عقارب" . ادركت سمهم مؤخرا ، وان ابتسامتهم  حين اكون بقربهم ما هي إلا ابتسامة قاتلة بها طعم من سم الافاعي ، او انهم على شاكلة الحرباء التي تتلون في اليوم اكثر من لوان حسب الحاجة والاحتياج  ، كأن بوجههم اقنعة  ، لكل قناع وقت وزمان معين .

 اصبح العم محمود يتردد كثيرا الى البيت ، كثيرة الحجة والسؤال عن الاهل ، لم يكن احد من الاهل  يدرك حقيقة هذا العجوز الخبيث  وأن عيناه على مكان اخر ، يبث سمومه  ، ينشر مغرياته  كلما تسنح له الفرصة . بدا يكلمها بكل جراءة ، وانه معجب بها ، ومستعد ليتقدم لها رسميا ، ويطلبها من والدها ، وانه خلال ثلاثة اشهر سيأخذها الى السويد ،  وهناك ستحيى  كملكة  تأمر وتطاع ، وستتحقق جميع احلامها ورغباتها ، بادلته برفضً تمام ، وانه بمحل والدها  ، كيف لا  وفارق العمر بينهما  يزيد عن خمسين سنة  . في الليلة التالية وبينما كنت مستلقي على حضنها ، وعلامة الغضب واضحة على وجهها ، سالت ما الذي يحجب ضوء القمر عني ،  كيف للبدر ان يخسف في حضرتي  ويضيع ضوءه  بين السحب المتراكمة فوق بعضها البعض . لم اكن حينها ادرك خبث العجوز ومخططاته ، او بالأحرى لم اتخيل يوما عجوزا طاعن بالسن يحاول اغراء حبيبتي ، بل كنت انظر اليه كعجوز ذبل أوراقه وضعفت همته  ، كنت اقارنه بغيره من الكهول.

كهول مدينتي وكيف نظرتهم للحياة  ، لا تتعدى سوى ان يموت موتا مرضية وان يتقرب لله بكثرة الطاعات  . ربما لمفهوم العجوز في الغربة له طعم وروح اخر  ، فقد كان هذا العجوز يجدد شبابه على حساب العذارى  ، مستخدم ثروته وجواز سفره ، ثم يرميهم بعد ذلك ،   ليبحث عن ضحيته التالية .

لم اكن اعلم ان للجواز الغربي اثر في نفوس النساء ،  وان مالكي هذا الجواز مفضلون لدى بنات موطني ،  فقد كنت ارى النساء يرتمين على صدروهم ويتساقطن كما تتساقط اوراق الخريف ، ثم تأتي رياح لتأخذ هذا الاوراق بعيدة عن  موطنها الاصلي  . حينها قالت : لا يروق لي هذا العجوز ، ولا استلطفه ، في كل مرة يأتي للمنزل ويتحجج بالمطالب لكي يراني  ،  اصبحت اتحاشى نظراته وكلماته التي يرميها امامي   قلت : ربما تتعجلين في الحكم عليه ، وربما هذا مجرد اوهام . لم يكن أوهاماً  كما اعتقدتٌ    ،   وإنما  احساس المرأة  الذي لا يخيب ، فقد  كانت تدرك نظراته الشهوانية ،  وأسلوبه اللين في تعامله معها ،  كي يستدرجها  تقع في وحل المطالب ،  وتصير كخاتم تستدير على هواه  ، ليدنس من بعدها  كبريائها ، ويكسر حاجز الصمت المنيع ، ثم  تكون كما يريد  . ما لم يدركه العجوز  ، هو ان تلك المرأة  التي امامه ،  ليست متجر يرتاده  الرجال  الأثرياء ليشتروا ما يشتهون  ،   وأن قلبها  معروضا  للبيع   بمزاد علني يأخذه من يدفع الاكثر  .


أو ربما  تخيل انها   امرأة من جيل الالفية الثانية  المعاصرة    ،  قد توقع على وثيقة  مشروع  لشراكه زواج مغلوط بمنفعة من الطرفين    ،  فهي طرفا في معادلة صعبة ، كي  تصل لثرا  السريع عن طريق رجل ، بات  يضع احدى قدميه على القبر  ،  ويضع قدمه الاخر امام  عتق باب امرأة  تتهاوى امامها الرجال ، وتنعدم في حضرتها الجاذبية .

 في طرفها الاخر رجل اضحى عربيدا لشهواته  لا يكترثُ بشيء قدر ما يهمه صدر امرأة يلجوا اليها  بعد عدة  سنوات من  برد قارص من اوروبا . وبعد عدة عمليات باءت بالفشل المريع ،  حاول بكل ما يملك من حيلة ليجعلها تحس بمعنى الثراء وإمكانيته في تحقيق أحلامها  ، حين اهدى لها مبلغاً من مال ، كترويض لروحها الرافضه لجميع المغريات ، وكي يترك عن نفسه طابع الكرم والعطاء  .



0 التعليقات:

إرسال تعليق